mercredi 1 mai 2013

الملاليم و الأحذية


من تاريخ الاحتجاج السلمي



(1)       
سيسجل التاريخ،تاريخ الاحتجاج، ما يلي :
    حين بدأ نوابنا الأفاضل في مجلسنا التأسيسي يناقشون رواتبهم و منحهم، بالعملة التونسية لأغلبهم أو بالعملة الأجنبية لقلة منهم، ذهب جمع من المواطنين إلى مقرّ المجلس الموقّر و طفقوا يرشقونه بملاليم حقيرة.
كان ذلك عنوانا للاحتجاج السلميّ لا يخلو من رمزية ثريّة وإبداع طريف. لقد قال المحتجون في غير ما تلعثم: "أعرناكم ألسنتنا لتعبّروا عما يجيش بصدورنا فنطقتم بألسنتكم عمّا يثري رصيدكم في البنوك".
يومها سُمع صوت هاتف من خلل رنين القطع النقدية المنثورة أمام المجلس التأسيسي يحاكي "العابرين في الكلام العابر":
     " خذوا ما تبقى لنا من مال وملاليم فأنتم ما عدتم أهلا لثقتنا .
خذوا أموالكم و ارحلوا أيّها المؤقتون في دستور مؤقت
اسحبوا منحكم من لحمنا و انصرفوا
اسرقوا ما شئتم من روعة الحلم و بقايا الأمل
كدّسوا أوهامكم في صناديق فارغة و انصرفوا
أعيدوا عقرب الوقت إلى شرعيّة مهترئة
أو إلى إيقاع حذاء الدكتاتور الجديد
آن أن تنصرفوا
آن أن تخرجوا من واقعنا و ذكرياتنا المرة"

(2)
سجّل التاريخ، تاريخ الاحتجاج، ما يلي:
حين عجزت وزيرة حتى عن بيع الكلام المتعاطف للضحايا من الأطفال المغتصبين و النساء المهدّدات في حرمتهن الجسديّة، ذهب جمع من المواطنين أمام وزارة المرأة لرشق واجهتها بالأحذية القديمة .
كان عنوانا آخر للاحتجاج السلمي يحمل من الرموز والإبداع ما يكفي للتعبير عن الغضب.
 تطريز على الرجم باعتباره جزءا من مناسك ضاربة في القدم تستعيد الدينيّ لمواجهة بذاءة السياسة، رجم لحماية الطفولة و الأسرة في تونس، تعبير عن الاحتقار و تأكيد للدونية بأحذية جعلت للأرجل التي نطأ بها الأرض فإذا بها ترشق على من وُضع في رأس وزارة لصيانة حقوق الضعفاء من الأطفال و النساء .
 يومها سُمع هاتف من خلل وقع الأحذية على حائط الوزارة و الطوار يستحضر " سوق القرية":
"إليك سيدتي،
ما يناسب مواقفك العطنة و تصريحاتك المهلهلة
من قديم الأحذية المتروكة المهملة.
فحشٌ و اعتداءات حقيرة و ذباب
و أحذية  يتداولون رشقها،
 ووزيرة تحدّق في الفراغ
في مطلع العام الجديد
يداي تمتلئان حتما بالنقود
لكن الطريق إلى الجحيم
من جنّة الفردوس أقرب
و العائدون من الكتب القديمة
صرْعاهم أبناؤنا و أجسادُ النساء
فلن يصلح العطار ما قد أفسده الدهر الغشوم
أبدا على أشكالها تقع الطيور
و البحر لا يقوى على غسيل الخطايا و الدموع"

(3)
    سجل المؤرّخون من قبلُ هجرة جماعية لأهالي مدينة تونسية احتجاجا على واليها الذي اعتصم بالحجر و المباني: "خذ المدينة، قالوا له، ولكنّنا لن نخفض لك جناح الذلّ".
    سجل الإخباريّون احتجاج المواطنين على وزيرة أنقذتها من العزل أحزاب تمارس السياسة بمنطق الصلاة صفا واحدا مستويا وراء الإمام. و لكن الرسالة بينة:" خذي الوزارة، قالوا لها، فحرائرنا و أطفالنا في بؤبؤ العين".
   سجل أحفاد ابن خلدون احتجاج المواطنين على نوّابهم المطالبين بنصيبهم من كعكة المال والجاه اللذيذة: " خذوا ملاليمنا القليلة واخرجوا أيها المؤقّتون من وقتنا وانصرفوا"
    حقّا هذه البلاد شجرة مباركة وارفة الظلال لا شرقية و لا غربية، يكاد ضوء احتجاجها المبدع ينقدح ويضئ و لو لم تمسسه نار.



3 commentaires:

Lotfi Aïssa a dit…

لو لم يكن كلامك في الحاشية لخلت أن المتن مقصده
حاشيتك حافلة بوطن مضيءومواطنين مبدعين قبس من نور أسرج لكل معتبر ينهاية النفق

zeineb a dit…

تناص جميل ونص يبعث الامل، نظرة شاعر إلى الجانب المشرق من الأرض الخراب.

Anonyme a dit…

مذ رأيته نائبا في البرلمان وأنا أبحث عن شكل لاحتجاجي. بم قد أرمي مثله؟أبظلف الهندي أرميه أم أرميه الى تمساح؟ أبحث عن شكل للاحتجاج خشن حزن غليظ ظلف. سأرميه بقنفذ وشوك وبصل وثوم وجماجم موتى وأضراس وقطع غيار الدبابات و هاتف نوكيا3310 و جذوع نخل خاوية و بكل اسم خشن هو له. كم أشتهي أن تتقيّأ الحانات عليه