jeudi 28 juillet 2011

شذرات الثورة




1
14 جانفي:لحظة شعريّة مكثّفة تطابقت فيها الأقوال والأفعال ، تجلّ مدهش لمعنى الحرّيّة عند امتزاج ذاكرة اللحظة في عفويّتها بذاكرة الشعوب الثوريّة ، استثناء تاريخي نادر جعلنا ممن اصطفاهم القدر ليشهدوا ما لا تراه كل العيون وما تسمع به بعض الأذان ولكن ما الخبر كالعيان فما عشناه لا تحيط به أدبيّات الثورات جميعا.
2
    كان الشعر مجتمعا في تلك اللحظة المكثّفة النادرة الاستثنائيّة ثمّ بدأ نثر الواقع:
     ثورة مضادة صمتا عن الحقّ أو مديحا للشعب الذي أراد أو اصطناعا لمجد ثوريّ،
    عصابات من الفقراء والمجرمين والمعدمين والمهمّشين ،
    دمّل المكبوت الاجتماعيّ عشائريّا وجهويّا وطبقيّا ،
    صرخات الداخلين في التاريخ من بوّابة المتون الفقهيّة المنتزعة من سياقاتها ،
     مناورات الذين يريدون تركيب ذاكرة اصطناعيّة مقتناة من مزابل وهم الحداثة ،
     سياسيّون ضيقو الأفق يحلمون بنصيبهم من جسد الثورة المتاح للجميع ،
     بقايا رأس المال المشبوه يوزّع على المخرّبين والرعاع ومشاريع الأسياد الجدد ،
     صحف صفراء تتزيّن بأحمر الثورة  وأصوات قديمة تتأنّق بنعيب البطولات الكاذبة  ووجوه متواطئة تتجمّل بأقنعة فاضحة ،
    خطابات عاجزة تعيد إنتاج لغة التمجيد والمباركة والفخر والاعتزاز مع خلطة متلعثمة من أدبيات الثورات المغدورة لوصف ما يجري ،
    عصابات الحرس القديم تتمترس في مواقعها وامتيازاتها داخل جهاز الدولة بفضل خبرتها في تعطيل كلّ جنون حقيقيّ أصيل ،
   أصناف من البكارات الجديدة تباع في سوق الثورة بالمجان وتوزّع في حفل تنكّري بهيج تلبس فيه الضحيّة قناع الجلاّد ويتخفّى فيه الجلاّد في جبّة الضحيّة ليتأكّد التقاء الأضداد في اللحظة المناسبة مذكّرة بجدليّة العبد والسيّد، كاشفة زيف الثنائيّات الميتافيزيقيّة.  
 
3
  كل ثورة ونحن فرحون،
  كلّ ثورة ونحن خائفون،
  كلّ ثورة ونحن ننتظر مهديّنا المنتظر ليعمّر الأرض تسلّطا ونهبا وتلاعبا بالعقول باسم الربّ أو الشعب أو الأمّة الموحّدة ،
  لن نكون استثناء فمنطق التاريخ نراه لولبيّا لا يعرف للقطع والبتر ومطلق الاستئناف سبيلا.
4
  يبيعنا السياسيّون سلعة الوفاق والوطنيّة والمسؤوليّة ..إلخ ولن نحصل في أحسن الحالات إلا على الدسائس والمؤامرات،
   يبيعنا مشاريع الأسياد الجدد وعود الحريّة والتعدّديّة والديمقراطيّة ..إلخ ولن نحصل في نهاية المطاف إلاّ على الإخضاع والهيمنة والقمع المغلّف بحرير الكذب المعتّق.
   يبيعنا ميكانيكيّو القوانين الإجراءات والقواعد والمبادئ والقوانين والمراسيم لبناء جنّة حقوق الإنسان على الأرض ولن نحصّل في نهاية الأمر إلاّ ما ستفرضه الوقائع العنيدة.
   قد يكونون صادقين ولكنّ لعبة السياسة و إدارة الصراع لا دخل للأخلاق فيهما وإن شبّه لنا أو لغيرنا.
5
    لسنا متشائمين ولكنّ الواقع القائم والمنتظر يمنعان سذاجة التفاؤل وكاذب الآمال.فكل ثورة ، على ما علّمنا التاريخ ، منذورة لأن تسرق وتأكل أبناءها.
   أمّا تفاؤلنا العميق الذي لم نقله فمصدره أنّ سرّاق الثورة المحتملين ( سياسيّا وّإيديولوجيّا) عندنا كثر ولكنّ اللّقمة أكبر من جميع الأفواه. وجميعهم لا يستطيع أن يدّعي أنّه صنعها أو وجّهها أو أطّرها أو قادها.أليس من مكرور القول إنّها ثورة بلا قيادة أو إيديولوجيّة؟ فلِمَ يريد الغارقون في طين الإيديولوجيّات المحنّطة المجمّلة جذب الغطاء إليهم تاركين الآخرين في العراء؟

6

   لسنا متشائمين لأنّ الحاصل من تلك اللحظة الشعريّة النادرة الاستثنائيّة، الحاصل الثابت الوحيد، أنّنا شهدنا ولادة السلطة المضادّة لأوّل مرّة في التاريخ العربيّ ولأوّل مرّة في التاريخ الإسلاميّ. وعلى هذا " المكسب" ( بلغة خشبيّة خضراء نستعيد بها بعضَ لغتنا المسروقة) نعضّ بالنواجذ رغم الثورة المضادّة ومشاريع استنساخ جسد الاستبداد السياسي الهرم حتّى لا يعود الدكتاتور البليد وحزبه العتيد.

1 commentaire:

Lotfi Aïssa a dit…

كان الشعر مجتمعا في تلك اللحظة المكثّفة النادرة الاستثنائيّة ثمّ بدأ نثر الواقع
Épatant!!!