dimanche 14 septembre 2014

شكري المبخوت وروايته الأولى التي قرأتني !

مقال الكاتب محمّد المصمولي بجريدة "الصحافة"
 بتاريخ 14 سبتمبر 2014


ليس من غاية هذه الكلمة ان تكون تحليلا او دراسة لرواية الدكتور شكري  المبخوت التي صدرت أخيرا بعنوان «الطلياني» وذلك لان هذا الركن الصحفي لا يتسع لمثل تلك المهمة وانما اردت بهذه الكلمة ان اقول فقط ان الرواية  المشار اليها قد «قرأتني»  بحجم صفحاتها التي تجاوزت الـ (340)  صفحة  من دون ان تسمح لي بالانصراف عنها او الذهاب في سبيل حالي الى غيرها من مشاغلي اليومية او غير  اليومية.
 ...نعم فهذه الرواية  قد «قرأتني»  كما قلت شأنها في هذا شأن عدد محدود جدا ونادر جدا من الروايات الجيدة التي يتصفحها القارىء فإذا بها تفرض عليه من حيث يدري او لا يدري ان يخضع لاوامر فتنة أسلوبها ولذة  نصها وغواية المواصلة لاحداثها شوقا الى معرفة مصائر  شخصياتها  او ابطالها المتحركين على بياض الصحفات بحيوية متدفقة... وطموحات متناقضة...
 ... ولقائل ان يقول متسائلا :
 - «....كيف يمكن لرواية اولى من تأليف باحث جامعي مختص او يتوفر فيها هذا السحر ومتعة النص والقدرة  على التأثير في القارئ؟
 .. واجابتي هي ان الكتب الجيدة التي «نقرأ»   قارئها هي الكتب التي تكون في المجال الاكاديمي جامعة  بين موضوعية  العلم وذاتية الفن كما في كتب الدكتور طه حسين مثلا او تكون في المجال الابداعي.. جامعة بين لذة العقل والشعر والذوق الرفيع  (كما في كتب الاستاذ محمود المسعدي مثلا).
 ... صحيح ان رواي)  التي نحن بصددها هي باكورة الانتاج الابداعي الى  حد الآن للاستاذ الجامعي شكري المبخوت الذي عرف بكتبه العلمية حول (المعنى المحال)  و(انشاء  النفي) و(الاستدلال البلاغي)وما الى ذلك من المواضيع والمسائل لكن الاصح هو ان هذا الجامعي المتألق «بتواضع العلماء»  في عضويته بعديد هيئات تحرير مجلات محكمة وغير محكمة والمعروف بمشاركاته العديدة في الندوات الفكرية والادبية  هو عالم قد حافظ دائما علىذاتية الفن في مقارباته المنهجية وبحوثه العلمية، فجمع بين رهافة الحس وصرامة العقل.. من دون ان يتحول الى انموذج الباحث الاكاديمي المتجهم على نحو بعض من نعرفهم او لا نعرفهم، عربيا أو محليا.. (بل على نحو الكاتب محمود عباس العقاد مثلا، لكن دون الارتقاء الى منزلته الرفيعة)..
«نعم، فصاحب رواية (الطلياني) ليس كاتبا متجهما، او باحثا جافا، ولو كان كذلك لما أتاح لروايته ان «تقرأني» بهذه السهولة ـ كما اعترفت ـ وانما هو هذا الأكاديمي الذي لمحت في كتاباته العلمية ملامح المبدع منذ سنة 1993 عندما أصدر كتابا بعنوان (جمالية الالفة: النص ومتقبله في التراث النقدي) او عندما أصدر، قبل ذلك او بعد ذلك، كتابا دراسيا جميلا بعنوان: «سيرة الغائب وسيرة الآتي في كتاب (الايام) لطه حسين».
.. وكيف لا يمكن «لشكري المبخوت» ان يكون هذا الكاتب الروائي المتميز.. وقد بحث في أحد مؤلفاته في «الشعرية لدوروف»<؟
***
... رواية (الطلياني) مليئة بالأحداث، وصل فيها المؤلف العهدين (البورقيبي والنوفمبري) بتحاليل ومواقف، كما وصل فيها بين غليان الجامعة والمحيط السياسي والاجتماعي والاعلامي والثقافي، وفقا لرؤية المؤلف، باعتباره من ذلك الجيل الطالبي الذي ثار على واقعه واصطدم بالقمع والاستبداد.. وجوبه بقهقهة السراب.. سواء في سبعينيات القرن العشرين او ما تلاها..
وفي هذه الرواية المثيرة التي قال فيها كاتبنا كل شيء ببراعة فائقة.. ثورة وغضب وجنس واشواق الى المثل السامية.. وقد بدأت الاحداث.. بالزقاق الاخير، وانتهت برأس الدرب، مرورا بشعاب الذكريات، والمنعرج، ورواق الوجع والألم، وغيرها من الدروب التي ظلت تسير بي على هواها، او بالأحرى على هوى شكري المبخوت، هذا الدليل المجرب، والمعلم الخبير، الذي أغتنم هذه الفرصة لأقول له: هل من مزيد أي المبدع؟ ... بعد تهنئته بمناسبة هذه الرواية!


بقلم : محمد مصمولي

Aucun commentaire: